حكم مدرسية
تعدُّ الحكم المدرسية من الأدوات التربوية الفعالة التي تسهم في تنمية شخصية الطلاب وتوجيههم نحو سلوكيات إيجابية. هذه الحكم التي يُرَوَّج لها في مختلف المراحل الدراسية، تحمل في طياتها دروسًا حياتية ودلالاتٍ عميقة، وهي ليست مجرد كلمات تلوكها الألسن في المناسبات الرسمية، بل هي أسلوب تعليمي يمكن أن يؤثر في حياة الطالب بشكل جذري. على الرغم من أن بعض هذه الحكم قد تبدو بسيطة في ظاهرها، إلا أن قوتها تكمن في مضمونها البسيط الذي يحمل معاني عميقة قادرة على تشكيل قناعات الطلاب وتحفيزهم على تحسين سلوكياتهم اليومية.
في هذا المقال، سنتناول مختلف جوانب الحكم المدرسية، أهميتها، دورها في تطوير شخصية الطالب، كيف تؤثر على فكر الطالب وسلوكه، وكذلك الأمثلة على بعض الحكم المدرسية التي تُستخدم بشكل واسع في المدارس العربية، وكيف يمكن تفعيلها في المواقف اليومية.
مفهوم الحكم المدرسية
الحكم المدرسية هي أقوال مختصرة ذات معاني عميقة، عادةً ما تحمل دروسًا حياتية أو نصائح قيمة، وغالبًا ما تكون مقتبسة من تجارب الحياة أو من أقوال مشاهير في مختلف المجالات، مثل الأدب والفلسفة والعلم والسياسة. هذه الأقوال يتم تداولها بين المعلمين والطلاب، وقد يُطلب من الطلاب حفظها وترديدها في طقوس مدرسية، أو قد تُطرح في سياق دروس مختلفة تتعلق بالقيم والتربية.
أهمية الحكم المدرسية في العملية التربوية
الحكم المدرسية ليست مجرد زينة لغوية يتم ترديدها في مناسبات معينة؛ بل هي جزء مهم من العملية التربوية التي تهدف إلى تزويد الطالب بالمعرفة والقيم التي تساهم في تشكيل شخصيته. وتكمن أهمية هذه الحكم في كونها:
-
تعزيز القيم الأخلاقية: العديد من الحكم المدرسية تتضمن نصائح أو قيم أخلاقية تدعو إلى التواضع، الصدق، الاجتهاد، الاحترام، والتعاون، وغيرها من المبادئ التي تشكل أساسًا لبناء شخصية سوية.
-
تنمية التفكير النقدي: بعض الحكم تساعد الطلاب على التفكير بعمق وفهم الأبعاد المختلفة للمواقف الحياتية، مما يحفزهم على التفكير النقدي واتخاذ قرارات مبنية على التفكير المنطقي.
-
توجيه السلوكيات: من خلال توجيه الأنظار نحو بعض المواقف اليومية، تساهم هذه الحكم في توجيه الطلاب نحو سلوكيات إيجابية تُحسن من بيئة المدرسة والعلاقة بين الطلاب والمعلمين.
-
تحفيز الطلاب: بعض الحكم تحمل طابعًا تحفيزيًا يساعد الطلاب على مواجهة تحديات الحياة الدراسية، مثل الامتحانات، والتعامل مع المشكلات النفسية والاجتماعية التي قد يواجهونها.
-
تقوية اللغة والذاكرة: حفظ الحكم المدرسية يعزز من مهارات اللغة والذاكرة لدى الطلاب، خاصة إذا كان الحفظ مصحوبًا بتفسير المعنى والبحث عن الأمثلة العملية.
دور الحكم المدرسية في بناء شخصية الطالب
المرحلة المدرسية هي واحدة من أهم الفترات التي يشكّل فيها الطالب رؤيته تجاه الحياة. وعليه، تلعب الحكم المدرسية دورًا حيويًا في توجيه الطلاب نحو مواقف الحياة المختلفة من خلال اختصار التجارب الإنسانية في جمل قصيرة تتضمن عبرًا ودروسًا حياتية. يمكن أن تكون هذه الحكم بمثابة مرشد للطلاب عندما يواجهون تحديات حياتية أو قرارات مصيرية، مثل اختيار التخصص الدراسي أو اتخاذ موقف من قضية معينة.
على سبيل المثال، حكم مثل: “العقل زينة الحياة”، تعمل على ترسيخ قيمة العقلانية والتفكير المتزن في أذهان الطلاب، مما يدفعهم للاعتماد على العقل في اتخاذ قراراتهم اليومية. بينما حكم مثل: “من جد وجد” تساهم في زرع قيمة الاجتهاد والمثابرة في قلب الطالب، مما يدفعه للعمل بجد لتحقيق أهدافه.
أشهر الحكم المدرسية وأمثلة عليها
هناك العديد من الحكم المدرسية التي يتم تداولها في المدارس العربية بشكل واسع، وتستخدم في غرس القيم الإيجابية في الطلاب. ومن أبرز هذه الحكم:
-
“العقل زينة الحياة”: تحمل هذه المقولة دلالة على أهمية التفكير العقلاني في اتخاذ القرارات الحياتية.
-
“من جد وجد”: تحفز هذه المقولة الطلاب على العمل بجد واجتهاد للحصول على ما يريدون، وتُستخدم كثيرًا في المدارس لرفع الروح المعنوية.
-
“العقل قبل المال”: تبرز هذه الحكمة قيمة المعرفة والعقل على المال، وتحث الطلاب على الاستثمار في تعلمهم وتطوير قدراتهم العقلية.
-
“من لا يعمل لا يحقق”: تعمل هذه الحكمة على تحفيز الطلاب نحو العمل الجاد وتحقيق النجاح من خلال الاجتهاد والتفاني في العمل.
-
“لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد”: تحث هذه المقولة الطلاب على اجتناب التأجيل والتسويف، مما يساهم في بناء طابع منظم في حياتهم الدراسية.
-
“العمل أسمى من الكلام”: تركز هذه الحكمة على أهمية العمل على الأرض بدلاً من الاكتفاء بالكلام دون تنفيذ.
كيفية تفعيل الحكم المدرسية في الحياة اليومية للطلاب
إن تأثير الحكم المدرسية لا يتوقف عند مجرد ترديدها في الفصل الدراسي؛ بل يتعدى ذلك ليشمل دمجها في الحياة اليومية للطلاب، وجعلها جزءًا من سلوكهم اليومي. يمكن تفعيل هذه الحكم بطرق عدة، مثل:
-
إقامة مسابقات ثقافية: يمكن تنظيم مسابقات بين الطلاب لتفسير معنى الحكمة وتقديم أمثلة حياتية من واقعهم عليها. هذا يساعد في ترسيخ المفاهيم في أذهان الطلاب بشكل عملي.
-
استخدام الحكم في المواقف اليومية: يمكن للمعلمين استخدام الحكم المدرسية في التفاعل مع الطلاب خلال المواقف اليومية، مثل تقديم توجيه عندما يواجه الطلاب صعوبة في إتمام واجباتهم المدرسية.
-
مناقشة الحكم في الحصص الدراسية: تخصيص بعض الحصص لمناقشة الحكمة المدرسية وتفسير معانيها، وربطها بالمواقف الحياتية الحقيقية التي قد يمر بها الطلاب.
-
كتابة مشاريع دراسية عن الحكم: يمكن للطلاب كتابة مقالات أو مشاريع حول حكم مدرسية معينة، مما يساعدهم على التفكير النقدي وتطبيق هذه الحكم في حياتهم اليومية.
الخاتمة
في الختام، تُعدُّ الحكم المدرسية من الأدوات الفعالة التي يمكن أن تساهم في تشكيل شخصية الطالب، وتوجيهه نحو حياة عملية مليئة بالقيم والمبادئ. تحمل هذه الحكم في طياتها دروسًا حياتية قيمة، وتحفز الطلاب على التفكير العميق والعمل الجاد. إن تبني هذه الحكم في الحياة المدرسية اليومية يساهم في بناء جيل قادر على التفكير والتحليل واتخاذ القرارات بناءً على قيم تربوية متينة.
